أرشيف

السلطات الأمنية تعتقل العشرات من طلبة اللغة العربية الغربيين وكل مسلم أوروبي يعتبر متهما بالانتماء للقاعدة

 'كل مسلم غربي في اليمن، تعتبره السلطات الأمنية اليمنية متهم بالانتماء للقاعدة حتى يثبت براءته'، بهذه العبارة الموجزة، لخّص أحد المواطنين الأمريكيين المقيمين في اليمن وضع الطلبة الغربيين الذي قدموا للدراسة في اليمن.

وأوضح لـ'القدس العربي' أن السلطات الأمنية اليمنية اعتقلت العشرات من الطلبة الأمريكيين والأوروبيين المسلمين منذ حادثة النيجيري عمر فاروق عبد المطلب، التي حاول تفجير الطائرة الأمريكية المتجهة من مطار أمستردام بهولندا إلى مطار ديترويت الأمريكي يوم عيد الميلاد الماضي في 25 كانون أول (ديسمبر) 20009.

وقال 'ان السلطات الأمنية شددت رقابتها على الطلبة الغربيين المسلمين لدى معاهد تعليم اللغة العربية في اليمن، وجمع المعلومات عن كل واحد منهم، وأنها بالغت في ذلك لدرجة وصلت إلى اعتقال الكثير من هؤلاء الطلبة دون إدانات أو أدلة واضحة ضدهم'.

وكشف أن السلطات اليمنية 'اعتقلت العشرات من الطلبة الأمريكيين خلال الشهور الأولى من العام الجاري ثم أفرجت عنهم لاحقا، لعدم وجود أدلة تدينهم بأي علاقة بتنظيم القاعدة أو بأي تنظيم متشدد أو عمل إرهابي'.

مشيرا إلى أنه من المؤكد أن السلطات الأمنية اليمنية تسلمت العديد من القوائم الأمنية من اجهزة الاستخبارات الأمريكية والبريطانية تضم الكثير من أسماء الطلبة الأمريكيين والغربيين عموما من الذين يدرسون اللغة العربية في اليمن، وأنه بناء على تلك القوائم تم ملاحقة واعتقال الكثير من هؤلاء الطلبة، والذين كان ضمنهم ما تم الكشف عنه أمس من اعتقال أكثر من ثلاثين مواطنا أجنبيا خلال شهري نيسان (إبريل) وايار (مايو) الماضيين، بينهم ثلاثة فرنسيين وأمريكي وبريطاني وخمسة نيجيريين وخمسة بنغاليين وماليزيين اثنين.

وأكدت المصادر الأمنية أمس أن بين المعتقلين الفرنسيين شاب يدعى جيريمي جوني ويتر، المولود في مدينة اورسي الفرنسي في 1986 ودخل اليمن في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بعد ان اقام في مصر مدة سبع سنوات وكان يجيد اللغة العربية.

واوضح هذا المصدر ان 'بعض الطلبة الغربيين اعتقلوا للاشتباه بانتمائهم لتنظيم القاعدة والبعض الآخر تم اعتقالهم وفق لقوائم تلقتها سلطات الأمن اليمنية من قبل أجهزة الاستخبارات الامريكية'.

وكانت مصادر حقوقية يمنية كشفت قبل ايام اعتقال الأجهزة الأمنية لامرأة استرالية مسلمة، بمفردها وإجبارها على ترك طفليها الصغار في شقتها دون رعاية، وأن اعتقالها جاء ضمن الحرب الأمنية اليمنية ضد المسلمين الغربيين، بتهم الاشتباه بالانتماء لتنظيم القاعدة.

وعلى الرغم من وجود المئات من الطلبة الغربيين الدارسين في المدارس الدينية السلفية وغيرها إلا أن الاعتقالات طالت إلى حد كبير الطلبة الذي يدرسون اللغة العربية في المعاهد المتخصصة بذلك. ويسبق عمليات الاعتقال رصد تحركات الطلبة الغربيين ومحاولة معرفة كل الأشخاص الذين يزورونهم ويترددوا عليهم وكذا محاولة معرفة مؤشرات ظهور علامات التشدد الديني لدى المطلوبين أمنيا، وبناء عليها يتم اعتقالهم على الفور.

واتخذت هذه المؤشرات مبررات لمشروعية اعتقال أي منهم، وبناء على التحقيقات الأمنية المكثفة يتم الافراج عنهم أو ترحيلهم لبلدانهم أو الابقاء عليهم في السجون اليمنية حتى يتم تسوية أوضاعهم.

وأكدت مصادر خاصة لـ'القدس العربي' أن عمليات الاعتقال للمواطنين الأمريكيين المسلمين تمت بواسطة رجال أمن أمريكيين، حيث اقتحموا الشقق والمنازل التي يقيمون فيها بطريقة مهينة، واعتقلوا العديد منهم من بين أزواجهم وأطفالهم دون مراعات للقيم الانسانية في ذلك.

وأشارت إلى أن هذه التصرفات الأمنية المستفزة دفعت بالعديد منهم إلى التوجه نحو التشدد الديني والتطرف عقب الإفراج عنهم أو أثناء الاعتقال في السجون اليمنية، كردة فعل على ما واجهوه من امتهان لكرامتهم وإنسانيتهم، دفع بهم نحو محاولة الانتقام بأي طريقة كانت.

مؤكدة أن أبرز مثال على ذلك ما قام به الطالب الأمريكي شريف موبلي الذي اعتقل مطلع العام الجاري من بين أسرته المكونة من زوجة وطفلين بتهمة الانتماء للقاعدة، وحاول الانتقام لذلك عبر نجاحه في خطف مسدس شخصي لأحد رجال الأمن الذين كانوا يحرسونه في المستشفى الجمهوري بصنعاء خلال تلقيه العلاج هناك، وتمكن حينها من قتل اثنين من رجال الأمن اليمنيين وإصابة ثالث.

وأوضحت العديد من المصادر أن مشكلة الطلبة الغربيين المسلمين في اليمن تتضاعف يوما بعد يوم إثر استمرار الملاحقة الأمنية لهم واعتقال الكثير منهم، وأن عمليات الرقابة لم تستثن أحد منهم، لدرجة تجاوزت الرقابة الأمنية على المسلمين العرب في الولايات المتحدة وبريطانيا، وأن المقيمين الغربيين في اليمن من المسلمين باتوا هدفا مؤكدا لكل التحركات الأمنية، كوسيلة من السلطات الأمنية اليمنية لإبراز حسن نواياها وجديتها في الحرب ضد الإرهاب، وكذا تلبية للرغبات الأمريكية والبريطانية في ذلك.

'القدس العربي':

زر الذهاب إلى الأعلى